search
burger-bars
Share

يُشكِّل نَسَب السّيّد المسيح البشري مادّة هامّة يتمسّك بها نقّاد الإنجيل المقدّس ومتَّهموه بالتحريف، باعتبار أنّ كلّاً من متّى ولوقا يشيران إلى نَسَب المسيح ولكنّهما لا يتّفقان على تسلسل نَسَبه، بل كلّ واحد يَعرِض سلسلة نَسَب تختلف عن الآخَر.

ولهذا يؤكّد هؤلاء النّقّاد وأصحاب بدعة تهمة التّحريف، أنّ ذلك يؤكّد أنّ يَداً بشريّةً تلاعبت بنصوص الإنجيل المقدّس.

يُضاف إلى اختلاف النّسَب اختلافاً آخَر وهو في تقسيم الأجيال عند متّى، إذ يعتبرون أنّها مقسَّمة إلى ثلاث مجموعات تتألّف كلّ منها من 14 جيلاً، ولكن بحسب النّقّاد فإنّ المجموعة الثّالثة تتألّف من 13 جيلاً. يهمّنا في هذه المقالة أن نبيّن لمن يعتريه شكّ في الإنجيل المقدّس، أنّ كلّاً من متّى ولوقا لم يخطآا في سلسلة نسب المسيح من جهة بشريّته، بل لكلٍّ منهما هدف من إيرادها على هذا النّحو، وأيضاً لا يوجد خطأ في عدد أجيال المجموعة الثّالثة من نَسَب المسيح كما ورد في إنجيل متّى.

أهميّة النّسَب لدى اليهود

اهتمّ اليهود على مرِّ تاريخهم بتسجيل أنسابهم، إذ يعتبرون أنفسهم السّلالة التي اختارها الله له من بين سائر الأمم. لذا تكفّلوا بتدوين أنسابهم، فيرجعون بها إلى الأنبياء والملوك والكهنة، إلى ذلك كان معروفاً عندهم عدم ذكر أسماء في تسلسل الأنساب لأسباب معيّنة. مثلاً نَسْب ابن إلى جدّه من أبيه أو واحد من أجداده دون نَسْبه إلى أبيه الطّبيعي، وكذلك كان معروفاً عند اليهود نسبة  الزّوج إلى والد زوجته، فيُسمّى الوالد الشّرعي وليس الوالد الطّبيعي.

نَسَب المسيح بحسب متّى البشير

كتب متّى إنجيله لليهود، ولذلك عاد بنَسَب المسيح البشري إلى النّبي إبراهيم، مروراً بالنّبي والملك داود، وابتداءً من يوسف زوج مريم باعتباره أبيه الشّرعي أي زوج أُمّه العذراء مريم، وذلك تأكيداً منه على سلالة المسيح بحسب إنسانيّته، إنها سلالة نبويّة وملوكيّة، إذ أشارت النّبوّات إلى أنّه سيكون من صُلب داود وإبراهيم من جهة بشريّته. وقد قسّم متّى البشير نَسَب المسيح الى ثلاثة أقسام كلّ واحد يتألّف من 14 عشر جيلاً، ولكن فعليّاً لو عدّينا الأجيال فسيتبيّن لنا أنّها 41 جيلا وليس 42 ... ما السّبب يا ترى؟ يفسّر لاهوتيّون ذلك بأنّ متّى البشير فَصَل بين القِسمَين الثّاني والثّالث من مجموعات الأجيال إلى ما قبل وما بعد السّبي كما هو واضح في إنجيل متّى 1: 17، والشّخص الذي عاصر الفترة ما قبل وما بعد السّبي هو يَكُنيا، ممّا استدعى من متّى عدّه مرّتين لأنّه عاصَرَ جيلَين، جيل قبل السّبي وجيل بعد السّبي، وباعتبار أنّ فترة السّبي تُمثِّل الابتعاد عن الله، وفترة العودة من السّبي تُمثِّل الرّجوع إلى الله، ممّا يعني لنا أنّ يَكُنيا يمثّل جيلاً فاسداً (قبل وفي السّبي)، وبداية جيل جديد في تعاملات الله معه (الرّجوع من السّبي). وهذا يشبه حالة الإنسان الخاطئ البعيد عن الله، وبتوبته وإيمانه بالمسيح يرجع إلى الله فينال رضاه. وهكذا يصبح عدد الأجيال 42 جيلاً ويكون تقسيم متّى صحيحاً لا شكّ فيه ولا تحريف.

نَسَب المسيح بحسب لوقا البشير

بالنّسبة للوقا البشير، فقد عاد بنَسَب المسيح إلى العذراء مريم لأنّه ليس له أب بشري، مؤكّداً أنّ يهوداً كانوا يظنّون أنّه ابن يوسف، لذا نراه يَنسب يوسف زوج مريم إلى هالي الذي هو والد مريم وليس والد يوسف، لأنّه كان معروفاً ومسموحاً في المجتمع اليهودي في ذلك الوقت أن يُنسَب زوج الإبنة إلى والدها، واتّخذ لوقا في تعداده سلسلة النّسب ابتداءً بالمسيح (على ما كان يُظَنّ) ابن يوسف بن هالي (والد مريم العذراء بحسب المفسّرين) وصولاً إلى آدم. يعتبر مفسِّرو الكتاب المقدّس أنّ القصد من وصول لوقا بنَسَب المسيح إلى آدم هو التّأكيد بالإضافة إلى أنّ المسيح إنسان أيضاً، أنّه كما دخلت الخطيئة إلى الإنسان بآدم، فبالمسيح صار الخلاص من عقاب الخطيئة. وهذه الحقيقة أعلنها لنا المسيح بنفسه قائلاً في إنجيل متّى 18: 11.

صديقي القارئ، بعد أن تمّ الرّدّ على هذه الشُّبهة، نسأل الله أن تفتح قلبك للمسيح المتجسِّد بشراً، وشابَهَنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، وتدعوه لكي ينير فكرك فتسير بهداه. يقول الرّبّ يسوع في إنجيل يوحنا 8: 12.

 

المسيح جاء ليمنح السّلام أَمْ ليُلقي سيفاً؟

عيسى المسيح هل هو الله؟

المسيح صُلِبَ أَمْ شخص آخَر؟

FacebookXYouTubeInstagramPinterestTiktokThreads
دردشة
تم إغلاق هذه الدردشة

هل ترغب في الدخول في حوار مباشر حول هذا الموضوع؟

تحميل تطبيق "الإيمان والحياة"

Android
iPhone