الثوب الثّالث ـ محفظة الإحسان
أمثال 19: 17 "من يرحم الفقير يُقرِض الرّبّ وعن معروفه يُجازيه". |
|
احرص على وضع محفظتك بالقرب من قلبك خلال سفرك. هذه القطعة ليست ضروريّة فقط للبقاء على قَيد الحياة، بل تُعتَبَر سرّ الحيويّة والانتعاش. يوصَف الإحسان في القاموس على أنّه عمل سخيّ يُقدَّم للفقراء والمرضى وغير القادرين، ومشاعر طيّبة خاصّة تجاه المحتاجين أو المرفوضين. يُشير أيضاً الكتاب المقدّس إلى الإحسان كرحمة للفقراء (أمثال 19: 17) ومحبّة كمحبّة المسيح نحو الآخرين (1 كورنثوس 13). لذا يُفهَم دور الإحسان ويوصَف على أنّه المبدأ الدّاخلي للرّحمة التي يُعَدّ الكَرَم تعبيراً خارجيّاً عنها. رداء الإحسان يتكوّن من جزئين، مثل زوج جوارب أو زوج أحذية، ويُعَدّ ناقصاً لو استخدمنا جزءاً واحداً فقط. الواحد لا يمكن أن يتواجد بدون الآخر، فالإحسان لا بدّ أن يظهر واضحاً في حياة المؤمن ليس فقط كعمل كريم وسخيّ، بل كفضيلة مرتبطة بالمحبّة العمليّة. ويتمثّل في هذا الحقّ: عندما يتلاقى "المحبة ـ الإحسان" و"العطاء ـ الإحسان" نجد رحمة. نقرأ في يوحنّا 3: 16 عن أروع مثال حين يتحوّل إحسان محبّة الله إلى عمل كريم مُعَبِّراً أفضل تعبيرعن الرّحمة. "هكذا أحبّ الله العالم ... حتّى بذل" وفاضت الرّحمة وامتدّت لتشمل كلّ من يؤمن. وهذا أصبح الأساس لكلّ مؤمن، ورداءً لا يمكن الاستغناء عنه في رحلة الإيمان. يوصينا الرّبّ في 1 يوحنّا 3: 17 بالتّعبير عن الرّحمة بالمزج بين المحبّة والعطاء. 1 يوحنّا 3: 17 "وأمّا من كان له مَعيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبّة الله فيه". يكلّمنا الكتاب المقدّس عن العلاقات الاقتصاديّة التي يرغب أن يراها الله بين شعبه. لا يريد الله لكنيسته أن تفتقر أو أن تعيش في رغد ورفاهية. يقوم النّظام الاقتصادي لله ـ طبقًا لكلمة الله ـ على البساطة والإحسان والقناعة والمساواة. لا يمكن أبداً للإحسان الكتابي أن يوجد بدون النّبع الدّاخلي الذي يفيض من قلب ملآن بالمحبّة. لا بدّ أن نُنفِق أنفسنا بسخاء وبحريّة لنعطي الجائعين (إشعياء 58: 10 وأنفقتَ نفسك للجائع وأشبعتَ النّفْس الذّليلة يشرق في الظّلمة نورك ويكون ظلامك الدّامس مثل الظُّهر). لكن لا يجب فقط أن نعطف على الفقراء بل علينا أن نعطي وفقاً لاحتياجاتهم ولقدراتنا (يعقوب 2: 15 و16 "إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي فقال لهما أحدكم امْضِيا بسلام استدفِئا واشبعا ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة) .احرِص على أن تظلّ محفظة الإحسان بالقرب منك، فهي لن تكون أداة للبركة فقط بل سلاحًا للدّفاع عن نفسك. |
|
جلست "رفقة" في مكتبي وقبل أن نبدأ الحوار أحنينا رأسَينا للصّلاة. كانت "رفقة" مُرسَلة في إيران وقضت عدّة سنوات في ذلك البلد الفقير روحيّاً. وكانت على دراية تامّة بتكلفة اتّباع المسيح وكان قلبها يتكلّم أكثر من فمها. بعد حوالي 5 دقائق توقّفت "رفقة" فجأة ونظرت إليّ ثمّ قالت بهدوء: "أنت شَرِه يا مايك". شعرتُ بالإهانة وقلت لها: "كيف تقولين هذا يا "رفقة"؟ أنت حتّى لا تعرفينني جيّداً" فأشارت إلى الرّفّ الذي أضع عليه كتبي وسألت: "هل أنت حقّاً بحاجة إلى كلّ هذه الكتب المقدّسة بينما في إيران يموت النّاس من الجوع بدون كلمة الله؟ هل أنت حقّاً بحاجة إلى كلّ هذه الكتب الرّوحيّة ونحن بإيران ليس لدينا شيئاً؟ هل تحتاج فعلاً إلى كلّ هذا الكَمّ؟ عرفتُ وقتها أنّني أعيش في شراهة روحيّة. أُدرِك الآن مسؤوليّة السَّفر بمحفظة مفتوحة. لأنّ الكثير قد أُعطِيَ فالكثير مطلوب. |
|
"تكلفة الثّراء الغزير ستتطلّب كَمّاً ضخماً من الكرم في العطاء. لكن هذا لا يعني أنّ كلّ ما علينا هو إعداد سلّة طعام في العيد مرّة واحدة في السّنة. بل يعني طِبقاً لكلمة الله المُشارَكة الهائلة مع الآخرين مثلما كانت تفعل الكنيسة الأولى" رونالد سايدر |
|
أشكرك يا ربّ من أجل رحمتك الغنيّة لدرجة أنّها جعلت محفظتي تفيض من الدّاخل. أُصلّي أنها تكون مفتوحة للجميع، للعدوّ وللصّديق. أُصلّي أن يظهر ذلك للجميع، في أوقات الشّدّة وأوقات الفرح. أُصلّي أنها تعكس محبّتك مصلوباً ومُقاماً من الأموات. |