الثوب السّابع ـ معطف المحبّة
كولوسي 3: 14 "وعلى جميعِ هذه الْبَسُوا المحبّة التي هي رِباط الكمال" 1 كورنثوس 13: 13: "أَمّا الآن فيَثبُت: الإِيمان والرّجاء والمحبّة، هذه الثَّلاثة ولكن أَعْظَمهنَّ المحبّة" |
|
بعد الحصول على كلّ الملابس اللازمة لرحلة الإيمان لا بدّ من أن نلتحف بمعطف المحبّة، فالمحبة تستر كلّ شيء. المحبة هي الثوب الوحيد الاجباري في رحلة الإيمان. إنّها تراكم كلّ الصّفات الإيجابيّة، كما أنّها الرّباط الذي يربطها معاً في وحدة تامّة. يخبرنا يوحنّا 3: 16 بالدّافع وراء إرسال الله لابنه كمخلِّص لعالم أناني، ساقط، متكبِّر وشرّير: "لأنّه هكذا أحبّ الله العالم حتّى بذل ابنه الوحيد". توصَف هذه المحبّة الإلهيّة المُضحِّية في 1 كورنثوس 13 وتحتوي على كامل صفات المسيح. عندما نقرأ 1 كورنثوس 13 ونضع كلمة "المسيح" بدلاً من "المحبّة" سنجد أنّها تصف الشّخصيّة التي يريدها من يشترك في رحلة الإيمان. 1 كورنثوس 13: 4 ـ 8 المسيح (المحبّة) تتأنّى وتَرفُقُ. المسيح (المحبّة) لا تحسد. المسيح (المحبّة) لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تُقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتدّ ولا تظنّ السّوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحقّ وتحتمل كلّ شيء وتصدّق كلّ شيء وترجو كلّ شيء وتصبر على كلّ شيء. المسيح (المحبّة) لا تسقط أبداً. رأينا المحبّة متجسِّدة في حياة الرّبّ يسوع. فقد تحمّل كلّ شيء بمحبّة وجالَ بكلّ نشاط يصنع خيراً. تحمّل المسيح الشّرّ بكلّ محبّة، لكنّه وزّع بركات متنوّعة. لم يتعدَّ المسيح أبداً حدود اللياقة. لم يعمل شيئاً غير مناسب للمكان أو للزّمان. لكنّ المحبّة تتطلّب مِنصّة للانطلاق منها، لأنّها لا تستطيع أن تعمل إلاّ من خلال حياة تطلب الأفضل للآخرين على حسابها هي شخصيّاً. المحبّة هي العدوّ اللدود للأنانيّة. لا المحبّة السّطحيّة، ولا المشاعر الدّافئة هي التي سنؤسّس عليها مفاهيمنا عن الله بخصوص الظروف والتجارب، لكننا ندرك أن محبتنا لله ستتطلب موتًا لا بديل عنه لذواتنا. كيف سنعرف أيّ نوع من المحبّة بإمكانه أن يحلّ محلّ أيّ نظريّة لاهوتيّة؟ "يوحنّا" وصفها قائلاً: "بهذا قد عرفنا المحبّة أنّ ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الأخوة. وأمّا من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبّة الله فيه. يا أولادي لا نحبّ بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحقّ". الالتحاف بمعطف المحبّة لا يُعَدُّ سِمة شخصيّة لذوي القلوب الضعيفة بل يُعَدُّ ضوءاً، أو بالأحرى شُعلة، وهذا بالطّبع أمر لا يأتي بسهولة. |
|
سُعِدنا بلقاء مجموعة من المؤمنين في حديقة بالقرب من سايجون خلال زيارتنا الأخيرة لفيتنام. كانت السّعادة والإثارة تغمرانا ونحن ننتظرهم على موقف الأتوبيس. كنّا متلهّفين لرؤية إخوتنا وأخواتنا الأحبّاء مرّة أُخرى، ورغم قلقنا على سلامتهم أدركنا أنّ هذا "المكان" المفتوح سيكون خلفيّة مناسبة للّقاء "بالصّدفة". رأينا والأتوبيس يقترب وجوه إخوتنا المشرقة تشعّ بالسّعادة. من الواضح أنّ رغبتهم الشّديدة في لقائنا تجاوزت فرحتنا وبدأوا على الفور في الاتّجاه إلينا. ثمّ توقّفوا فجأة، نظروا إلى عدّة أشخاص جالسين تحت شجرة ثمّ غيّروا اتّجاههم وساروا نحوهم. فشعرت فوراً بما يحدث ونظرت إلى القسّ المنتظر معي. سألت: "إنّهم يبشّرونهم بالإنجيل، أليس كذلك؟". ردّ القسّ بالإيجاب. فسألته: "كيف يمكنهم عمل ذلك؟ إنهم سُجنوا لهذا السّبب بالذّات ومع ذلك يكرّرون الأمر مرّة أُخرى. هذا ضدّ القانون". ابتسم القسّ وقال: "إنّنا نتمتّع بحريّة الكرازة بالإنجيل يا أخي. لقد منحنا الله تلك الحريّة ولا تستطيع حكومة تلك البلد نزعها منّا. إنّني أتفهّم ذلك الأخ ..." فاستكملت الحوار: "لكن ألا تخافون؟" فنظر لي القسّ وأجاب بكلّ تواضع: "لا يوجد خوف في المحبّة يا أخي". |
|
"المحبّة مثل زهرة بريّة، جميلة وهادئة، لكن قادرة على مصّ الدّم عند دفاعها عن نفسها" مارك أوفربي |
|
ساعدني يا ربّ أن أُحبّ بلا شروط وبلا رغبة في محبّة متبادلة. ساعدني أن أدرك عَظَمة محبّة آب يرسل ابنه الوحيد ليأتي من السّماء ويموت على الصّليب على الأرض. لتعكس محبّتي المسيح المصلوب والمخلِّص المُقام. |