الغيبوبة
يؤدّي الإنترنت لأن ننغلق على أنفسنا وننعزل عن عالمنا الواقعي، ويجعلنا نحيا في داخل عالم افتراضي بكلّ تفاصيله. وبسبب انفصالنا عن عالمنا الحقيقي فإنّنا لا نقابل أحداً ولا نتعرّف على أناس جدد. وحتّى لو حدث ذلك فإنّ كلّ اهتمامنا يكون منصبّاً في عالمنا الافتراضي فقط. فلا نتفاعل بكلّ طاقتنا مع عالمنا الحقيقي.
إنّه يسيطر على عقولنا وإرادتنا ومشاعرنا، فتبرد علاقتنا مع كلّ من هم حولنا، لأنّ عالمنا الافتراضي أدخلنا في غيبوبة حقيقيّة.
الحبّ الحقيقي
لم يكن الحبّ الحقيقي يوماً ناتجاً عن مجرّد انجذاب أو إعجاب بشخص ما، ولكن الحبّ الحقيقي أعمق من ذلك بكثير.
إنّه قرار مَبني على أسس سليمة، إنّه إدراك وقبول للآخر بعيوبه ومميّزاته، وبتقلّباته النّفسيّة، وبإدراك لكلّ احتياجاته. إنّه قرار بأن نعيش مع هذا الشّخص طوال العمر.
الإنترنت
وهنا يطرح هذا السّؤال نفسه: هل يمكن أن يُتيح لك الإنترنت فرصة للتّعرُّف على الآخر بهذه الكيفيّة؟ قد تقول إنّني أتحدّث مع الفتاة التي أحبّها على الإنترنت منذ أربع سنوات، وعرفت عيوبها جيّداً، وتحدّثت معها وهي في كلّ حالاتها.
ولكن الأمر مختلف، فأسلاك الإنترنت لا تنقل كلّ الواقع، إنّ مشاهدتك الدّقيقة للمعالم السّياحيّة في فرنسا لا يعني أنّك زرتها، حتّى لو تكرّرت مشاهدتك لها كثيراً.
بداية الحبّ
الإنترنت مجتمع مثل أيّ مجتمع، قد يتقابل فيه الأشخاص ويتعرّفون على بعضهم البعض، وبالرّغم من أنّه خطر إلّا أنّ ذلك لا يمنع أن يكون هناك أناس مميّزين وعلى مستوى عال من الأخلاق.
الإنترنت قد يكون بداية لعلاقة تستمرّ طويلاً، وقد تنتهي بالزّواج، ولكن لا يمكن أن نجزم أنّ هناك حبّ يؤدّي إلى الزّواج عن طريق الإنترنت فقط.
وللسّماء رأي نهائي
عزيزي الشّاب، قد تكون محتاراً، وقد تكون قرّرت الارتباط عن طريق الإنترنت، ولكن أريدك أن تعرف سرّاً هامّاً جدّاً للسّعادة في حياتك، هو أن تسلّم حياتك وأمورك الكبيرة والصّغيرة لله، هو فقط يستطيع أن يحفظك من كلّ شرّ، ويستطيع أن يمنحك سعادة وسلام حقيقيَّين.
سأخبرك بشيء، لديّ طفل صغير يريد أحياناً اللّعب بآلة حادّة، وعندما أمنعه منها يظنّ أنّني قاسي ويبكي، ولكنّه لا يعلم أنّي أفعل ذلك لأنّي أحبّه.
بالمنطق نفسه يتعامل الله معنا عندما نسلّمه أمورنا تسليماً كاملاً، نظنّ أحياناً أنّ الشّيء الذي نريده بشدّة سيكون مصدر سعادة لنا، نتمسّك به ونخاف من أن نفقده، ولكن الله يعلم عنك وعن المستقبل ما لا تعلمه أنت.
لذلك، سلّم كلّ حياتك ومشاعرك وأفكارك للسّيّد المسيح، وأنا متفهّم أنّك في هذه المرحلة سيكون لديك تساؤلات كثيرة.