لقد وُلِدَ المسيح كابن داود في بيت لحم حسب الجسد، ودخل أورشليم كوريث شرعي لداود في مُلكِه.
ومنذ اللّحظة الأولى التي جلس فيها على الأتان، أحاط به جمهور غفير مؤلِّفاً حوله موكباً عظيماً. خرجت الجماهير من بيت عنيا، والتقت مع من كانوا من أريحا والذين خرجوا لاستقباله من أورشليم، سار بعضهم أمامه وآخرون وراءه مُعبِّرين عن احتفالهم بقدومه بوسيلتَين:
الأولى رمزيّة: حيث أخذوا سُعُف النّخيل وأغصان الزيتون.
والثّانية، تعبُّديّة : تمثّلت بصراخهم هاتِفِين (أوصنّا في الأعالي)، فامتزجت تسبيحات البشر مع الطّبيعة تحقيقاً للنّبوّة في إشعياء: [لأنّكم بفرح تخرجون وبسلام تحضرون والآكام وكلّ شجر الحقل تصفّق بالأيادي]. فالمعاني التي تجلّت في الدّخول الظّافر للمسيح إلى أورشليم هي ثلاثة: الأغصان، الأصوات، الأطفال:
• الأغصان: الجماهير قطعت أغصان الشّجر التي ترمز للسّلام، وتشير إلى المسيّا رَجُل السّلام وصانعه. وسُعُف النّخيل تشير إلى أقواس النّصر، فهي رمز للحريّة والانتصار.
• الأصوات: عبّروا عن فرحهم بطريقة تعبُّديّة فهتفوا: [أوصنّا]، والكلمة سريانيّة الأصل ومؤلّفة من مقطعين، {أوص : خلِّص، نا: نحن} فكانت هذه الكلمة بمثابة صيحة تطلب منه الخلاص الفوري.
• الأطفال: شارك الأطفال هتاف الكبار، ولقد اغتاظ الكهنة والكَتَبة وعبّروا عن استيائهم ممّا فعلوه، فقالوا للمسيح: "أتسمع ما يقول هؤلاء". أمّا المسيح فوقف إلى جانب الأطفال وأيّدَ تسبيحهم، فيما ورد في المزمور 8: 2 .
وهكذا نرى في الأغصان معنىً فريداً، ونسمع في الأصوات هتافاً مجيداً، ونأخذ من الأطفال درساً مفيداً.