إزرع فكراً تحصدعملاً .. إزرع عملاً تحصد عادة ... إزرع عادة تحصد خُلُقاً ... إزرع خُلُقاً تحصد مصيراً. حين يشوَّش الفكر نفقد الإبداع في العمل ونعيش عادات الخوف والشّكّ، فلا نقوى على الحكم على الأمور وتصبح رؤيتنا ضبابيّة ويصعب علينا التّمييز بين الخير والشّرّ، ثمّ نضلّ الطّريق ولا نجد المرشد ولا الدّليل، ونفقد أيضاً شجاعة الاختيار بين ما هو حقّ وعدل وشريف، وبين ماهو باطل وظالم وفاسد، لأنّه قد اختلفت وتبدَّلَت الموازين.
باتت الصّورة مُشوَّشة والقِيَم مغلوطة، والكلمات فَقدت معانيها المعروفة. تاهت المبادئ في ظلمات لا آخر لها، وأصبحنا محترفين في صناعة أقنعة المبادئ. فالسّرقة اكتسبت شرعيّة والنَّصب أصبح مَفخَرةً والحرام صار مستساغاً، وقِيَم نبيلة أصبحت في خبر كان. اختلطت المفاهيم واهتزّت القِيَم وتغيّرت مُسمّيات الأشياء، فالرَّشوة يعتبرها البعض علاقات عامّة، والكذب والاحتيال واللّف والدّوران يعتبرهم البعض شطارة وفهلوة. المؤامرات والمقالب والتّسلّق على أكتاف الغير في داخل العمل، يعتبرها البعض سياسة وتخطيط وتكتيك. والغريب هو أنّ البعض الذين مازالوا حريصين على المبادئ والقِيَم بصورتهما القديمة، يُتَّهمون بالتّزمُّت والإنغلاق. صحيحٌ، أننا في مجتمع متغيِّرتتجدّد فيه المشاكل بشكل سريع ومتلاحق، وصحيح أيضاً أنّ احتياجات الإنسان تتغيّر،وكثيراً ما يجد نفسه أمام مواقف جديدة تفرض عليه أن يتلائم معها بشكل من الأشكال، هذه المواقف تجعله يتساءل: ماذا يفعل وكيف يتصرّف عند اتّخاذ القرار؟ وما هو المقياس الذي يقيس عليه حياته وسلوكه؟ وكيف يجد طريقاً آمناً يلجأ إليه وسط هذا التّشعُّب الهائل من الاتّجاهات والخَيارات الصّعبة التي تخلق نوعاً من التّمزّق والانقسام في الشّخصيّة نتيجة صراع القيم التي توارثها من البيت؟ وبين الواقعيّة التي تفرض نفسها علينا ممّا يجعل كثير من النّاس يحاولون تبرير تصرّفاتهم بعذر من الأعذار،أو يلقون اللّوم والمسؤوليّة على الآخرين، أو يُرجِعون ذلك إلى الشّرور والمفاسد النّاتجة عن التّقدّم والمدنيّة والحضارة التي يجب مقاومتها من وجهة نظرهم، بدلاً من النّظر إلى الأمور بنظرة متطوّرة لمواجهة المشكلات وبروح مستنيرة لتحقيق أفضل حياة ممكنة. إنّ التّفكير السّلبي والمبادئ المغلوطة والمقلوبة والقيم المُشوَّشة التي حَطَّت من سُموّ الإنسان ومروءته وشجاعته وشهامته، هزّت كلّ المبادئ السّامية والقيم العليا. إنّنا بحاجة إلى تربية روحيّة وفكريّة، فهي التي تفتح الطّريق القويم أمام الإنسان.
إذا كان لديك عزيزي القارىء أيّة مشكلة تحبّ أن تشاركنا بها، وتحب أن نصلّي لأجلك .. اتّصل بنا